تقع حديقة ساكرو بوسكو، والتي تُعرف أيضًا باسم “حديقة الوحوش”، في بلدة بومارزو بمنطقة لاتسيو وسط إيطاليا، وتعد واحدة من أروع الحدائق التاريخية وأكثرها غرابة في أوروبا.بُنيت الحديقة في القرن السادس عشر بناءً على طلب الأمير بيير فرانشيسكو أورسيني، الذي أراد أن يخلّد ذكرى زوجته الراحلة جيوليا فارنيزي. يشتهر المكان بجوه الغامض، وتضاريسه الطبيعية التي تضم منحوتات ضخمة ومعقدة تصوّر وحوشًا أسطورية ومخلوقات غريبة، والتي تم نحتها في الصخر لتثير دهشة الزوار وتدعوهم إلى التأمل في معانيها العميقة.التصميم الفريد والغموضتم تصميم الحديقة بطريقة تخالف تمامًا تقاليد الحدائق الإيطالية الكلاسيكية. فهي ليست مجرد مساحة خضراء تزينها الزهور والنوافير، بل هي تجربة فنية وفلسفية تسعى إلى تحدي تصورات الزوار وإثارة الفضول لديهم.ويتميز المكان بمنحوتات ضخمة وغريبة، منها تمثال لعملاقين يتصارعان، وتمثال لوحش يفتح فمه، وامرأة جاثمة على الأرض. هذه الأشكال الفنية تنبض بالحياة وتضفي على الحديقة طابعًا مميزًا يجمع بين السريالية والأساطير، وتعد بمثابة نافذة على المخاوف والرموز النفسية العميقة.الجوانب الرمزية والأسطوريةالمنحوتات في ساكرو بوسكو تحمل رموزًا ذات معاني فلسفية ودينية وأساطيرية. فعلى سبيل المثال، يظهر تمثال “أوركوس”، الذي يمثل وحشًا فاغرًا فاه، والذي يرمز إلى الفناء والموت، في مشهد يرهب الزائرين ويثير تساؤلات حول مصير الإنسان ومعنى الحياة.أما منحوتات التنانين والوحوش الأسطورية الأخرى فتعبر عن الصراع الأبدي بين الخير والشر، كما أنها تُجسد القوة البدائية التي تعود إلى الحضارات القديمة.الجو العام والتأثيراتتتميز الحديقة بأجواء مهيبة وهادئة، تجعل الزائر يشعر وكأنه انتقل إلى عالم آخر، حيث تتداخل الطبيعة مع الفن وتندمج الأساطير مع الواقع. الحديقة محاطة بالأشجار الكثيفة والأحجار القديمة، مما يعزز الإحساس بالغموض والانفصال عن العالم الخارجي.ويقال إن أورسيني أراد أن تكون هذه الحديقة ملاذًا للتفكر والتأمل بعد سنوات من الحروب والصراعات التي عاشها، فأنشأ هذا العالم الغريب كوسيلة للتعبير عن مشاعره الداخلية.الحديقة اليوماليوم، أصبحت ساكرو بوسكو واحدة من الوجهات السياحية الفريدة التي تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم. يتوافد الناس للاستمتاع بجمال الطبيعة وفن النحت، ولتجربة عالم الأساطير والحكايات التي تنبض بها هذه الحديقة الساحرة.ورغم مرور القرون، ما زالت الحديقة تحتفظ بجاذبيتها وغموضها، حيث يرى فيها البعض تجسيدًا للجنون، بينما يراها آخرون كنزًا فنيًا نادرًا يعكس العقلية الإبداعية للفترة الباروكية. تُعد حديقة ساكرو بوسكو بومارزو إحدى أكثر الحدائق غرابة في إيطاليا، وربما في العالم، إذ لا تزال رموزها ومعانيها تخفي أسرارًا وعمقًا فلسفيًا، تدعو زائريها إلى التفكير والتأمل في معاني الجمال والفناء والحياة.