وقع الرئيس السوري أحمد الشرع في 10 مارس/آذار 2025 اتفاقا مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي يقضي باندماج هذه القوات في الجيش السوري ومؤسسات الدولة الأخرى، والتأكيد على أن المجتمع الكردي مكون أصيل من مكونات الشعب والدولة.أوحى نص الاتفاق بالتزام إدارة الشرع بالحفاظ على وحدة البلاد والمواطنة المتساوية والعمل على تمثيل كافة مكونات الشعب السوري في الحكم، لكن لم يرد في النص أي إشارة للتقسيم الإدراي أو السيادي.ووُضع النص بصيغة عامة تخلو من أي تفاصيل حول عملية اندماج قوات سوريا الديمقراطية وأجهزتها، كما أنه منح لتنفيذ هذا الاتفاق فترة طويلة نسبيا تصل إلى نهاية العام الجاري، الأمر الذي كوّن ثغرات بحسب مراقبين، بدأت تنعكس سلبًا حاليًا على الساحة السياسية والاجتماعية مع تصاعد المطالبات باللامركزية في سوريا كأحد الحلول السياسية الممكنة في الآونة الأخيرة من قبل الإدارة الذاتية الكردية. الأكراد سيطالبون بنظام اتحادي فقد نقلت وكالة رويترز، عن المسؤول في الإدارة الذاتية الكردية "بدران جياكرد" تأكيده أن أكراد سوريا سيطالبون بنظام اتحادي يضمن لهم الحكم الذاتي في إطار دولة لا مركزية. وقال جياكرد في تصريحات مكتوبة لرويترز إن جميع القوى السياسية الكردية في سوريا اتفقت على رؤية مشتركة حول شكل الحكم وهوية الدولة وحقوق الكرد، مشيرًا إلى أنهم أكدوا ضرورة إقامة نظام اتحادي برلماني تعددي ديمقراطي.وأضاف المسؤول، أن تحقيق هذا الهدف يتطلب الحفاظ على الخصوصية الإدارية والسياسية والثقافية لكل منطقة عبر إنشاء مجالس محلية تشريعية وهيئات تنفيذية لإدارة شؤون الأقاليم، مع وجود قوات أمنية داخلية تابعة لكل إقليم، مؤكدًا على ضرورة تحديد هذه الترتيبات في الإطار الدستوري. ولفتت رويترز إلى أن هذه المرة الأولى التي يعلن فيها مسؤول في الإدارة الذاتية الكردية عن هذا الهدف بشكل صريح منذ توافق الأحزاب الكردية عليه الشهر الماضي، حيث شارك في الاجتماع ممثلون عن حزب الاتحاد الديمقراطي (الجناح السياسي لوحدات حماية الشعب الكردية المكون الرئيسي لقسد) والمجلس الوطني الكردي.ويتناقض تصريح المسؤول الكردي بشكل كامل مع إعلان سابق لرئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، والذي أكد فيه معارضته للنظام الاتحادي، وقال إنه لا يحظى بقبول شعبي ولا يصب في مصلحة سوريا. وفي هذا الصدد يشير مراقبون إلى أنه تبرز بوضوح التدخلات الخارجية في هذا الملف، وخصوصًا مواقف كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة الخطيرة، فهما تدعمان جهود قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والكرد لتحقيق استقلالية إدارية واسعة، بعيداً عن سلطة النظام السوري في دمشق.ولطالما كانت المملكة المتحدة تحديدًا أحد أبرز الداعمين لللامركزية في سوريا، حيث تدفع بقوة نحو منح الأكراد وقوات سوريا الديمقراطية المزيد من الاستقلالية في إدارة مناطقهم. دعم بريطاني للأكراد في سوريا وبرأي المحلل السياسي خلدون الدكاك، منذ بداية الحرب السورية، شكلت المناطق التي تسيطر عليها قسد في شمال وشرق البلاد نموذجاً لإدارة محلية مع فاعلية نسبية في شؤون الأمن والتعليم والصحة بدعم أمريكي – بريطاني. ولندن تروج لهذا النموذج كخطوة نحو الاستقرار في سوريا، وتدفع لأن يتم تكريسه ضمن أي تسوية سياسية مستقبلاً.وبحسب الدكاك، البريطانيون لا يتوقفون عند الدعم العسكري واللوجستي لقسد، بل يتجاوزون ذلك إلى تعزيز فكرة اللامركزية كخيار للحفاظ على التنوع الإثني والديني في سوريا. ففي ظل وجود العديد من القوى العرقية والدينية في البلاد، بما في ذلك الأكراد، العرب، السريان، والتركمان، يسعى البريطانيون إلى دعم توجه الابتعاد عن مركزية السلطة في سوريا، وهو توجه مشابهلسياسات لندن التي اتبعتها لتقسيم البلاد منذ 1920، والتيوضعت خلالها البلاد العربية تحت الانتداب، وجزئت البلاد السورية إلى 3 كيانات مستقلة. قوات قسد تسلم القطاع النفطي يأتي هذا بالتزامن مع تداول مصادر إعلامية محلية أنباء أفادت عن تسليم قوات قسد القطاع 26 النفطي شمال شرقي البلاد للقوات العسكرية البريطانية. حيث أصدرت قسد أمراً رسمياً بتسليم القطاع المذكور للعسكريين التابعين للشركة البريطانية العسكرية والأمنية الخاصة "إيجيس للخدمات الدفاعية". فيما تملك شركة "جلف ساندز بتروليوم" البريطانية حصة تشغيلية تبلغ 50% في حقلين نفطيين في القطاع 26 بسوريا، في شمال شرقي البلاد بالقرب من الحدود مع العراق.الأمر الذي يثير ريبة المراقبين والمحللين السياسيين الذين حذروا من خطورة التدخلات البريطانية المتزايدة في الداخل السوري، فهي من جهة تعزز فكرة التقسيم، وتسلح قسد وتدعمها استخباراتيًا، بينما من جهة أخرى تتحايل على حليفتها تركيا التي تتخوف من مخاطر القوات الكردية التي تعتبر جزءًا منها ارهابيًا، وتتستر على العلن "بوجه داعم" للحكومة السورية في دمشق والحريص على رفع العقوبات عنها.