لا تعد العطور مجرد كماليات، بل جزء من قصة البشرية، تربط بين الماضي والحاضر، وتعيد تشكيل ملامح الهوية في كل مرة نختار فيها رائحة تعبر عنا.والعود ليس مجرد خشبًا عبقري الرائحة فقط، بل رفيق المجالس، عنوان الفخامة، وتوقيع الأصالة الذي لا يغيب عن تفاصيل الحياة في الخليج، ويتجاوز حدوده ليصبح لغة عالمية تُحكى من خلال العطر.العطور في الثقافة العربية والخليجيةمنذ آلاف السنين، احتلت العطور والعود مكانة مركزية في الحياة العربية، سواء في المناسبات الاجتماعية أو الدينية أو حتى في تفاصيل الحياة اليومية، حيث ارتبط استخدام العطر بالضيافة والكرم، وأصبح جزءًا من طقوس الاستقبال والاحتفاء بالضيوف. في المجتمعات الخليجية، يمثل العود تحديدًا رمزًا للفخامة والتميز، وتتنافس الأسر في اقتناء أجود الأنواع وتقديمها في المناسبات الخاصة.لم يعد العطر مجرد لمسة جمالية، بل أصبح وسيلة للتعبير عن الذات، الذوق الشخصي، والانتماء الثقافي. ومع تطور الصناعة، باتت العطور تجمع بين المكونات التقليدية مثل دهن العود والمسك والعنبر، وبين التركيبات الحديثة التي تواكب أحدث صيحات الموضة العالمية.صناعة العطور في الخليج: بين الحرفة والابتكارشهدت صناعة العطور في الخليج تطورًا ملحوظًا خلال العقود الأخيرة، وزاحمت بقوة العطور العالمية، بل ظهرت علامات تجارية محلية تمكنت من المنافسة بجودة منتجاتها وابتكاراتها.يعتمد نجاح هذه الصناعة على المزج بين الحرفة التقليدية، حيث يتم استخراج الزيوت العطرية من مصادر طبيعية، وبين التقنيات في التركيب والتسويق.ومن أهم ملامح التطور، الاهتمام المتزايد بتطوير عطور تحمل بصمة محلية، تستحضر الروائح المرتبطة بالبيئة والثقافة الخليجية، وأصبح هناك توجه لإنتاج عطور نيش فاخرة، تستهدف الباحثين عن التميز والتفرد، وتقدم لهم تجارب حسية فريدة.معارض العطور: منصات للتبادل الثقافي والابتكارلم يتوقف الاهتمام المتزايد بالعطور عند الابتكار ومحاولة استخراج عطور تعبر عن الذوق الخليجي فقط، بل امتدت لإقامة فعاليات ومعارض متخصصة تجمع بين العلامات التجارية المحلية والعالمية، المهتمين، وصناع الروائح، في أجواء تفاعلية تتيح تبادل الخبرات والتجارب.لا تقتصر تلك الفعاليات على الترويج التجاري، بل تفتح الباب أمام الحوار الثقافي، وتسلط الضوء على الإبداع المحلي والابتكار في عالم العطور.معرض طيب الحزم من نجاح الدوحة إلى تألق أبو ظبيعند الحديث عن عالم العطور والعود، لا نغفل الحديث عن معرض طيب الحزم الذي حقق نجاحًا كبيًرا في قطر، حيث نظم العديد من الفعاليات، التي تمكنت من جذب عدد كبير من الزوار ومحبي التجارب الراقية، مما جعله يتبوأ مكانة مميزة كوجهة أساسية لعشاق الفخامة والابتكار في الدوحة.وتجلى هذا النجاح في تقديم عروض متنوعة تجمع بين: التسوق الراقي، الثقافة، والضيافة الأصيلة، مما رسخ تجربته كرمز للتميز والذوق الرفيع في قطر.واليوم، يستعد ليحط رحالة في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، حيث يقام في مركز أبو ظبي الوطني للمعارض (أدنيك)، قاعة مارينا 1 و2، في الفترة من 25 سبتمبر إلى 5 أكتوبر 2025، ليجمع تحت سقفه نخبة من دور العطور المحلية والعالمية، ويقدم للزوار تجربة حسية وثقافية استثنائية.ما الذي يميّز معرض طيب الحزم؟تنوع العلامات التجارية: يضم المعرض أكثر من 100 علامة تجارية من أبرز دور العطور والعود، مما يوفر للزوار فرصة استكشاف أحدث الإصدارات والنفحات النادرة من مختلف أنحاء العالم.تجربة فاخرة: يوفر المعرض أجواءً راقية مع خدمات ضيافة مميزة، من بينها مواقف سيارات واسعة وخدمة صف السيارات، لضمان راحة الزوار طوال فترة الحدث.ورش وعروض حية: يتخلل المعرض فعاليات مصاحبة مثل ورش عمل متخصصة وعروض حية تفاعلية، تمنح الحضور فرصة التعرف على أسرار صناعة العطور وتجربة المنتجات بشكل مباشر.عروض وخصومات حصرية: يتم الإعلان عن عروض وخصومات حصرية خلال أيام الفعالية، بالإضافة إلى هدايا وعينات مجانية للزوار.تغطية رقمية واسعة: يعتمد المعرض على التغطية الرقمية عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل: سبسيال، إنستغرام، سناب شات، إكس، وتيك توك، لنقل أجواء الحدث إلى جمهور أوسع، مع التركيز على إبراز اللحظات المميزة وتجارب الزوار والعروض الحصرية.أثر المعرض على القطاع والمجتمعلا يقتصر دور المعرض على كونه وجهة للزوار فحسب، بل يُعد منصة حيوية للعلامات التجارية المحلية والعالمية لعرض منتجاتها والتواصل مع جمهورها المستهدف. ويشهد الحدث مشاركة واسعة من شركات العطور والمكياج، التي تستعرض أحدث إصداراتها وتقدم عروضًا خاصة للزوار، مما يعزز من حضورها في السوق ويمنحها فرصة فريدة للتفاعل المباشر مع العملاء.كما يساهم المعرض في دعم الإبداع المحلي، من خلال تسليط الضوء على صناع العطور الناشئين والمواهب الشابة، وتوفير منصات للتدريب والتطوير المهني في هذا القطاع.العود: الذهب الأسود للعطوريُعد العود من أغلى المواد العطرية في العالم، ويُطلق عليه أحيانًا: الذهب الأسود، يُستخرج من أشجار معينة في جنوب شرق آسيا، ويخضع لعمليات معالجة دقيقة لاستخلاص الزيت العطري النقي، تختلف جودته بحسب مصدره وطريقة الاستخراج، وتعد الأنواع: الهندية، الكمبودية، والفيتنامية من الأشهر والأغلى ثمنًا.في الثقافة الخليجية، اقتناء العود وتقديمه للضيوف دليلًا على الذوق الرفيع والكرم، وتتنافس دور العطور في ابتكار تركيبات تجمع بين العود ومكونات أخرى مثل: الزعفرات، الورد الطائفي، والعنبر، لتقديم أفخم النفحات التي تلبي أذواق عشاق الروائح الشرقية والغربية على حد سواء.التفاعل الرقمي ودور وسائل التواصل الاجتماعييلعب التواجد الرقمي دورًا محوريًا في نجاح المعرض، حيث يتم تغطية الفعاليات عبر منصات التواصل الاجتماعي، مع التركيز على الفيديوهات القصيرة والقصص اليومية كوسيلة فعالة لنقل أجواء الحدث إلى جمهور أوسع، والذي يزيد من الحضور الإعلامي للمعرض، ويساهم في جذب المزيد من الزوار والعملاء.في طيب الحزم، لا تُعرض العطور فقط، بل تُستحضر الذكريات وتُروى القصص من خلال كل نفحة. إنها رحلة حسية تحتفي بالهوية وتُعيد للعطر مكانته كجسر بين الماضي والمستقبل.